تصاعدت توقعات كثير من المتابعين بأن اليوم الثلاثاء 01/02/2011 قد يكون يوماً حاسماً في التاريخ السياسي المعاصر في مصر، وذلك بعد تطورات متلاحقة ومثيرة جرت على مدى الساعات القليلة الماضية.
وأمضى عشرات الآلاف من المتظاهرين ليلتهم في ميدان التحرير وسط القاهرة، استعداداً للمسيرة المليونية التي أعلن عن تنظيمها اليوم الثلاثاء في القاهرة ومدن أخرى منها الإسكندرية والسويس والمنصورة واستمر تدفق آلاف المصريين من مختلف المناطق للانضمام إلى المحتشدين في ميدان التحرير، مؤكدين إصرارهم على رحيل الرئيس حسني مبارك من السلطة، ورفعوا لافتات وأعلاماً أمام حواجز أقامها الجيش لمحاولة السيطرة على تدفق الحشود على الميدان الذي أصبح مركزاً للاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام مبارك.
واعتبر متظاهرون أن المسيرة المليونية هي المرحلة الأخيرة قبل إعلان عصيان مدني شامل، حيث قرر المصريون في القاهرة والإسكندرية وعشرات المدن المصرية النزول للتظاهر والمشاركة في هذه الحركة الشعبية الضخمة، وقد شجعهم قرار قوات الجيش بعدم اللجوء إلى قمع المتظاهرين على المشاركة بكثافة.
موقف الجيش
لكن هذا لم يكن وحده ما غذى التوقعات بيوم حاسم، حيث أصدر الجيش بياناً نادراً تعهد فيه بعدم استخدام القوة ضد المواطنين، كما أكد أنه "على علم ودراية بالمطالب المشروعة التي ينادي بها المواطنون الشرفاء".
وقال المتحدث باسم الجيش اللواء إسماعيل عثمان في بيان بثه التلفزيون المصري ليل الاثنين 31/1/2011 إن القوات المسلحة على وعي ودراية بمطالب المواطنين، وإن حرية التعبير بالطرق السلمية مكفولة، ودعا المواطنين إلى عدم الإقدام على ما من شأنه أن يخل بالأمن العام للبلاد.
إضراب عام
وإلى جانب المسيرة المليونية، تم إطلاق دعوة إلى إضراب عام، ومن المتوقع أن تلقى تلك الدعوة تجاوباً في ظل منح العديد من المؤسسات إجازات مفتوحة للعاملين بها.
وبالتزامن مع هذه التحركات، أشارت مصادر إلى أن الحزب الوطني الحاكم يحشد متظاهرين للدفع بهم باتجاه ميدان التحرير لتأييد الرئيس مبارك، كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن هناك أنباء عن قيام بعض أقسام الشرطة بتجنيد "بلطجية" وإرسالهم إلى ميدان التحرير لتقويض المظاهرة المليونية المتوقعة اليوم الثلاثاء.
وكان التلفزيون المصري قد أعلن في وقت سابق عن وقف حركة القطارات في مصر بشكل كلي، كما أفادت مصادر إغلاق جميع مداخل العاصمة القاهرة أمام السيارات والمارة منذ بدء حظر التجوال في الساعة الثالثة من عصر الاثنين 31/1/2011.
كما أعلن وزير الإعلام المصري أنس الفقي اليوم الثلاثاء عن توقف وانقطاع شبكات الاتصال الجوال في مصر في إطار الإجراءات التي اتخذت استباقاً للتظاهرة المليونية في العاصمة القاهرة والمدن المصرية الكبرى التي دعت إليها جماعات وقوى المعارضة.
ومع الإعلان عن المظاهرات المليونية، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيليب كراولي إن السفير الأمريكي السابق لدى مصر، فرانك ويزنر يقوم الآن بزيارة إلى مصر وإنه "يملك القدرة" على التباحث مع "الزعماء" في البلاد.
البرلمان الشعبي
وفي خطوة احتجاجية نوعية أعلن المحتشدون بميدان التحرير عن تشكيل "البرلمان الشعبي" الذي اتخذ عدة قرارات أبرزها تشكيل مجلس رئاسي يضم قاضيين وأحد قادة القوات المسلحة وأعلن رفضه لكافة الإجراءات التي اتخذها مبارك منذ اندلاع الاحتجاجات في 25 ينايرالماضي.
وقرر البرلمان الشعبي اختيار مجلس لقيادة الثورة، يضم ممثلاً عن الشبان المتظاهرين ورئيس نادي القضاة السابق المستشار محمود الخضيري والدكتور محمد البرادعي، بالإضافة إلى محمد البلتاجي وحمدين صباحي وأيمن نور، وأسامة الغزالي وجورج إسحاق، وأبو العز الحريري.
تنازل جديد
في المقابل وفي خطوة اعتبرت متأخرة، أدلى عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ليل الاثنين 31/1/2011، ببيان مقتضب قال فيه إن الرئيس مبارك كلفه بإجراء اتصالات مع القوى السياسية المعارضة لبدء حوار معها بشأن الإصلاحات السياسية والدستورية ووضع توقيت محدد لذلك.
وتعهد سليمان بأن يصدر بيان الحكومة بعد أيام قليلة، متضمناً إجراءات واضحة ضد الفساد، كما تعهد بأن يتم تنفيذ قرارات محكمة النقض بشأن الطعون المقدمة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، على أن تجري انتخابات جديدة في الدوائر المطعون فيها خلال الأسابيع المقبلة.
لمن ترجح الكفة؟
الجيش المصري هو المؤسسة المصرية الوحيدة المحافظة على كيانها القوي في ظل الأزمة الحالية والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل تقوم هذه المؤسسة بضمان انتقال سلس للسلطة في مصر أم ستكون صمام الأمان والاستمرار للنظام الحالي؟ فحتى الآن يتجاهل الجيش الأوامر بفرض حظر التجوال على المتظاهرين ويتعاطف أحياناً معهم وسط صوت المتظاهرين "الجيش والشعب يد واحدة".
