إستعادت أوروجواي ذاكرة التاريخ وأحيته من جديد عندما إنتزعت بطاقة التأهل إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA، للمرة الأولى منذ العام 1970، وذلك بعد فوزها الدراماتيكي على غانا بفارق ركلات الترجيح (4-2) بعد التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي (1-1)، في اللقاء المثير الذي أقيم على ملعب سوكر سيتي في العاصمة جوهانسبيرج.
شهدت المباراة أحداثا غاية في الإثارة لم يسبق لها مثيل، حيث تقدمت غانا نهاية الشوط الأول عبر مونتاري، وأدرك فورلان التعادل بداية الشوط الثاني، ليستمر مسلسل التعادل حتى نهاية الوقت الأصلي، لتتعالى حالة الإثارة حتى "الجنون" في الثواني الأخيرة من الوقت الإضافي الثاني عندما أهدر جيان ركلة جزاء مع صافرة النهاية، ليتحول التوفيق بيد حارس أوروجواي موسليرا الذي منع كرتين ليمنح فريقه الفوز والتأهل.
أراد منتخب أوروجواي إحداث الصدمة الأولى في اللقاء وعدم ترك المساحة أمام منافسه للتفكير أو تنفيذ مخططاته المسبقة، ولذلك طلب من مهاجميه تهديد المرمى بأسرع وقت ممكن لعل وعسى أن تهتز الشباك.
مارس هجوم أوروجواي ضغطا سريعا في منتصف ملعب غانا وقام الثلاثي الخطير فورلان وسواريز وكافاني بالبحث عن الطرق نحو مرمى كينجسون، وبعد أن اكتشفوا تلك الطريق، بدأ سواريز مسلسل التهديد بكرة قوية من داخل منطقة الجزاء لكن من مكان جانبي "الجهة اليسرى" وسدد الكرة قوية أبعدها الحارس بحضور (10).
وعاد فورلان ليقلق كينجسون من تسدية مباشرة أطلقها من مسافة بعيدة أربكت الثاني فردها بيديه لتتعالى الكرة أمام مرماه قبل أن يحصل على الخطأ إثر مشاركة سواريز (14).
وعكس فورلان ركينة لامسها كافاني برأسه لترتد من المدافع منساه باتجاه المرمى منعها كينجسون قبل أن تهز شباكه (17).
وبعد إنتصاف الشوط عاد سواريز ليسدد كرة قوية تألق كينجسون في منعها من جديد (25).
جرى كل ذلك وسط سيطرة شبه مطلقة لأوروجواي على منطقة العمليات الهامة، بفضل نجاعة تحركات بيريز وأريفالدو وتقدم فرنانديز وفوسيلي، وهو ما منح القدرة للثلاثي الهجومي على إيجاد المكان المناسب وتهديد المرمى.
وجد لاعبو المنتخب الغاني العديد من الصعوبات لتثبيت الأقدام في وسط الملعب، واحتاجوا للكثير من الوقت بل للربع الأخير للدخول في أجواء اللقاء، حين بدأت تحركات برينس وأنان وكوادوو تجد ثمارها عندما تحرك مونتاري وإينكوم من الأطراف، عندها وجد جيان نفسه وقام باحداث الخطورة، ليبدأ المسلسل الغاني عندما عكس مونتاري ركنية إرتقى لها المدافع منساه ولعبها خطرة لتمر بجوار القائم (29).
وسرعان ما نسج برينس هجمة رائعة تجاوز فيها مدافعا ومرر إلى جيان داخل المنطقة لعبها بسرعة مرت بجوار القائم أيضا (31).
وتواصلت السيطرة الغانية وكانت رائحة الخطورة تفوح من أغلب الكرات المرسلة داخل منطقة الجزاء، وحاول برينس تسجيل أحلى الأهداف عندما لعب الكرة العرضية بشكل مقصي مرت فوق المرمى (45).
ومع إعتقاد الجميع أن الشوط سنتهي على ذات النتيجة التي بدأ عليها، كان لمونتاري رأي آخر عندما إستلم الكرة منتصف ملعب أوروجواي ولمح الطريق مفتوحة أمامه فأطلق كرة "جابولاني" منخفضة خادعت الحارس موسليرا وهزت شباكه في الدقيقة الثانية من الوقت المبدد، لتنهي غانا الشوط بأفضل طريقة "التقدم بهدف".
كان طبيعيا أن يعود منتخب أوروجواي بذات الأسلوب الهجومي، لكن هذه المرة لإدراك التعادل وليس للتقدم، وشهدت الدقائق الأولى نشاطا متبادلا بين الطرفين، وهو ما لم يحسب له الغانيون أدنى حساب من ناحية التأمين الدفاعي، لتتعدد المساحات في النصف الثاني من ملعبهم، وهو ما منح أوروجواي الخطأ الأثمن على حدود منطقة الجزاء، ليتحمل فورلان العبء في التسديد، فقام بأفضل ما لديه ليطلق الكرة "المخادعة" وتغالط كينجسون الذي تحرك للجهة اليمنى ليجدها خلفه فلم يستطع التعامل معها لتهز شباكه وتتعادل الأرقام (55).
حاول جيان القيام بردة الفعل السريعة فسدد كرة أرضية عذبت موسليرا لترتد منه وقبل أن يتمكن مونتاري من متابعتها انقض فيكتورينو ليبعد الخطر (58).
أتى بعد ذلك دور الثنائي المتجانس فورلان وسواريز، فعكس الأول كرة عرضية بعيدا عن متناول الحارس والدفاع ليسددها الثاني بسرعة لتهز الشباك الجانبية (63).
عاد جيان لينفذ الكرة الحرة المباشرة من مسافة متوسط مرت بجوار مرمى أوروجواي (68).
وكأنه مسلسل بينهما، حين عاد سواريز ليستغل نسجا هجوميا منسقا من الجهة اليمنى، حين مرر البديل لوديرو الكرة ليسدد بسرعة أبعدها كينجسون لحساب الركنية (70).
ورد جيان بسرعة عندما استقبل خطأ المدافع وأطلق الكرة مباغتة سيطر عليها موسليرا (73).
دفع كلا المدربين في الربع الأخير بصاحبي الخبرة أبياه في غانا وآبريو في أوروجواي لتنشيط الحالة الهجومية، وجدد فورلان التهديد من كراته البعيدة المباشرة ليسدد ويلامسها الحارس مبعدا إياها للركنية (75).
دانت السيطرة في الربع الأخير لهجوم أوروجواي الذي بدأ يستعجل التسجيل رغبة في عدم الخوض في الوقت البديل، لكنه سقط "أسيرا" للتسرّع الأمر الذي أبقى مرمى كينجسون في مأمن، فيما عانت المرتدات الغانية أمام المنعة الدفاعية لأوروجواي، لتمر الدقائق مسرعة وتعلن الصافرة الأخيرة نهاية الوقت الأصلي بالتعادل 1-1 والإتجاه للوقت الإضافي.
لم نشعر بالخطورة في الوقت الأصلي حيث عانى الفريقين من التسرع وسوء التركيز، وفات الشوط الأول دون تهديد يذكر، وحضر الثاني ومع الدقائق الأخيرة بدأت وتيرة الخطورة ترتفع، عندما عكس آبياه عرضية حولها جيان برأسه مرت فوق المرمى (110)، ورد عليه فورلان بتسديدة من داخل منطقة الجزاء أيضا علت العارضة (114).
وعاد برنس ليغتنم إحدى الكرات النادرة بالفرصة الأخطر عندما وصلت رمية تماس طويلة نفذها بانتسيل ليخطفها برينس ويلعبها لتمر بمحاذاة القائم (118).
وشهدت الثواني الأخيرة أكثر اللحظات "الجنونية" على طريقة "هيتشكوك" عندما رفعت كرة مباشرة داخل منطقة الجزاء لترتد أكثر من مرة بين لاعبي غانا قبل أن يلعبها أديياه برأسه ليمنعها المهاجم سواريز بيده عن خط المرمى لتكون ركلة الجزاء وحالة الطرد، وتقدم جيان آسامواه "المتخصص" في تنفيذ الركلات ومسجل الإثنتين السابقتين في الدور الاول، وتحمل على كاهله إسعاد الملايين، لكنه أفسد الفرحة وسدد الكرة بعنف لترتد من العارضة، فارضا جولة حاسمة مع ركلات الترجيح.
وفي ركلات الترجيح سجل فورلان وفيكتور وسكوتي وأهدر بيريرا فوق العارضة ثم يسجل آبريو الركلة الحاسمة، فيما سجل جيان وآبياه هدفي غانا فيما تعملق موسليرا في رد كرتي منساه وأديياه.