" رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا " و " حيث شئتم رغدا " ؟
قال الله تعالى في سورة البقرة : " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا "
وقال في آية أخرى : " وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا "
" وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا " هذا الخطاب من الله لآدم وحواء مؤذن لهما بدخول الجنة والأكل منها ، فقدّم : " رغدا " على " حيث شئتما "
ثم قدّم : " حيث شئتم " على : " رغدا " في خطابه - سبحانه - لبني إسرائيل عند دخولهم قرية أريحاء ، وكلا التعبيرين في سورة البقرة . الأول في الآية : 35 ، والثاني في الآية : 58 - فما السر إذن ؟ّ
الجواب :
إن تقديم : " رغدا " على " حيث شئتما " في خطاب الله لآدم وحواء لأن طعامهما كان أهم عندهما ، أما المكان المدلول عليه بــ " حيث شئتما " فما كان يعنيهما في شيء لأنهما اثنان والجنة فسيحة لا تضيق بهما .
وتقديم : " حيث شئتم " في خطاب بني إسرائيل لأنه أهم عندهم . إذ كانوا جمعا من الناس . والمدخول فيه " قرية " فقد يظنون أنها تضيق بهم إذا سعوا فيها ابتغاء الرزق والسكنى . فقدّم ما هو عندهم أهم . والله أعلم .
من كتاب : خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية . د . عبدالعظيم المطعني .