بسم الله الرحمن الرحيم
>>> في قول الله عزوجل ( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا) .الآية 97 من سورة الكهف .
لم قال "اسطاعوا " أولاً ؟ ثم قال :" استطاعوا " ؟ وهل هناك فرق ؟
أقول وبالله التوفيق .
يرى البعض أنهما لغتان في الفعل بمعنى واحد .
لكن عندما تتأمل تدرك فرقاً دقيقاً فالقاعدة تقول : زيادة المبنى تدل على زيادة في المعنى .
بمعنى أن حروف الكلمة كلما زادت يزيد المعنى معها .
وتأمل هنا أخي الفاضل بقلبك .
استعمل الحق ـ اسطاعوا ـ مع الأقل حروفاً , مع ـ أن يظهروه , أي ـ فما اسطاعوا أن يصعدوا فوق السد (الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس ) .
واستعمل ـ استطاعوا . بالبقاء ـ وهو الأكثر حروف مع قولة عز وجل ـ له نقبا ـ أي أن يحدثوا فيه نفقاً يمر الجيش منه . وبالطبع الصعود فوق السد أيسر بكثير من إحداث نقب فيه ويأخذ زمناً أقل بكثير .
فاستعمل الحق ـ اسطاعوا ـ الفعل الخفيف مع العمل الخفيف ( الذي يحتاج إلى جهد أقل ) .
واستعمل ـ استطاعوا ـ الأكثر حروفاً مع العمل الشاق الثقيل ( الذي يحتاج إلى جهد أكثر وزمن أطول ) مما يجعل كل ذي عقل يدرك أن كل كلمة في موضعها .
وبالتأكيد ستتساءل الآن . فما بال ـ تستطع , تسطع ؟
في قوله تعالى ـ ( سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ) ـ ختام الآية 78 من سورة الكهف .
وقوله عزوجل ( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ) ختام الآية 82 من سورة الكهف .
فقد استعمل الحق الفعل ـ تستطع ـ الأكثر حروفاً عند مفارقة موسى للعبد الصالح وبالطبع كان موسى مثقلاً مما رأى من مواقف لم يستطع معها صبرا وينتظر تأويلها فناسب ذلك الثقل النفسي الثقل في الفعل ـ تستطع . وأيضاً يريد العبد الصالح أن يلفت نظر موسى إلى أنك لم تجاهد نفسك وتحاول أن تتصبر مع أنك أخذت عهداً بأنك ستكون صابراً .
وأما بعد أن زال الثقل النفسي وعرف تأويل تلك الأمور وأصبح مستريحاً استعمل الفعل الخفيف ـ تسطع ـ الذي يتناسب مع الموقف , وفيه إشارة إلى أن ذلك تأويل ما لم تتحمل بأقل استطاعة للصبر . فقال : ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا .ومن العجب أن هذه الأفعال –اسطاعوا –استطاعوا –تستطع – تسطع لم يختلف القراء في قراءتها بهذه الصيغ كل في موضعه وهذا من دقة علم القراءات وهكذا تجد كل حرف في موضعه للدلالة على معنى أراده الله جل وعلا.