منوعات دوت كومmnwaat.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منوعات دوت كومmnwaat.com

لا اله الا الله محمد رسول الله
 
الرئيسيةتفسيرسورة الزمر  ( آية 1-26 ) I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأكثر شعبية
تحميل ياهو 2011
تحميل احدث3 انتى فيرس كاسبر اسكاى 2011.افيرا2011.افاست 2011
نتيجة امتحانات ابناؤنا فى الخارج 2011
تحميل برنامج جوجل شوروم google chrome
حمل برنامج ويندز لايف ماسنجر 2012
تحمل برنامج جوجل كروم (جوجل شورم)2012
تحميل برنامج مكافح الفيروسات افاست 2012 النسخه الاخيره ادخل وحمل بسرعه
تحميل تنزيل سكاي بى 2011 الجديد dowenlod sky pe 2011 new
حمل القران كامل بصوت الشيخ فارس عباد
الرد على من سب السيده عائشه
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط www.mnwaat.com على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منوعات دوت كومmnwaat.com على موقع حفض الصفحات
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 تفسيرسورة الزمر ( آية 1-26 )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
Admin
المدير


عدد المساهمات : 1005
نقاط : -2047470915
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 25/02/2010
العمر : 28
البلد : مصر

تفسيرسورة الزمر  ( آية 1-26 ) Empty
مُساهمةموضوع: تفسيرسورة الزمر ( آية 1-26 )   تفسيرسورة الزمر  ( آية 1-26 ) Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 3:57 pm




تفسير
سورة
ا
لزمر
عدد آياتها
75

(



آية


1-26

)

وهي مكية






{

1 - 3


} {

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ
اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ
الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ
اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ
اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ


}




يخبر تعالى عن عظمة القرآن، وجلالة من تكلم به ونزل منه، وأنه نزل من
اللّه العزيز الحكيم، أي: الذي وصفه الألوهية للخلق، وذلك لعظمته وكماله،
والعزة التي قهر بها كل مخلوق، وذل له كل شيء، والحكمة في خلقه وأمره.




فالقرآن نازل ممن هذا وصفه، والكلام وصف للمتكلم، والوصف يتبع الموصوف،
فكما أن اللّه تعالى هو الكامل من كل وجه، الذي لا مثيل له، فكذلك كلامه
كامل من كل وجه لا مثيل له، فهذا وحده كاف في وصف القرآن، دال على
مرتبته.




ولكنه - مع هذا - زاد بيانا لكماله بمن نزل عليه، وهو محمد صلى اللّه
عليه وسلم، الذي هو أشرف الخلق فعلم أنه أشرف الكتب، وبما نزل به، وهو
الحق، فنزل بالحق الذي لا مرية فيه، لإخراج الخلق من الظلمات إلى النور،
ونزل مشتملا على الحق في أخباره الصادقة، وأحكامه العادلة، فكل ما دل
عليه فهو أعظم أنواع الحق، من جميع المطالب العلمية، وما بعد الحق إلا
الضلال.




ولما كان نازلا من الحق، مشتملا على الحق لهداية الخلق، على أشرف الخلق،
عظمت فيه النعمة، وجلَّت، ووجب القيام بشكرها، وذلك بإخلاص الدين للّه،
فلهذا قال: {

فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ


} أي: أخلص للّه تعالى جميع دينك، من الشرائع الظاهرة والشرائع الباطنة:
الإسلام والإيمان والإحسان، بأن تفرد اللّه وحده بها، وتقصد به وجهه، لا
غير ذلك من المقاصد.




{

أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ


} هذا تقرير للأمر بالإخلاص، وبيان أنه تعالى كما أنه له الكمال كله، وله
التفضل على عباده من جميع الوجوه، فكذلك له الدين الخالص الصافي من جميع
الشوائب، فهو الدين الذي ارتضاه لنفسه، وارتضاه لصفوة خلقه وأمرهم به،
لأنه متضمن للتأله للّه في حبه وخوفه ورجائه، وللإنابة إليه في عبوديته،
والإنابة إليه في تحصيل مطالب عباده.




وذلك الذي يصلح القلوب ويزكيها ويطهرها، دون الشرك به في شيء من العبادة.
فإن اللّه بريء منه، وليس للّه فيه شيء، فهو أغنى الشركاء عن الشرك، وهو
مفسد للقلوب والأرواح والدنيا والآخرة، مُشْقٍ للنفوس غاية الشقاء، فلذلك
لما أمر بالتوحيد والإخلاص، نهى عن الشرك به، وأخبر بذم من أشرك به فقال:
{

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ


} أي: يتولونهم بعبادتهم ودعائهم، [معتذرين] عن أنفسهم وقائلين: {

مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى


} أي: لترفع حوائجنا للّه، وتشفع لنا عنده، وإلا، فنحن نعلم أنها، لا
تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئا.




أي: فهؤلاء، قد تركوا ما أمر اللّه به من الإخلاص، وتجرأوا على أعظم
المحرمات، وهو الشرك، وقاسوا الذي ليس كمثله شيء، الملك العظيم، بالملوك،
وزعموا بعقولهم الفاسدة ورأيهم السقيم، أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم
إلا بوجهاء، وشفعاء، ووزراء يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، ويستعطفونهم
عليهم، ويمهدون لهم الأمر في ذلك، أن اللّه تعالى كذلك.




وهذا القياس من أفسد الأقيسة، وهو يتضمن التسوية بين الخالق والمخلوق، مع
ثبوت الفرق العظيم، عقلا ونقلا وفطرة، فإن الملوك، إنما احتاجوا للوساطة
بينهم وبين رعاياهم، لأنهم لا يعلمون أحوالهم. فيحتاج من يعلمهم
بأحوالهم، وربما لا يكون في قلوبهم رحمة لصاحب الحاجة، فيحتاج من يعطفهم
عليه [ويسترحمه لهم] ويحتاجون إلى الشفعاء والوزراء، ويخافون منهم،
فيقضون حوائج من توسطوا لهم، مراعاة لهم، ومداراة لخواطرهم، وهم أيضا
فقراء، قد يمنعون لما يخشون من الفقر.




وأما الرب تعالى، فهو الذي أحاط علمه بظواهر الأمور وبواطنها، الذي لا
يحتاج من يخبره بأحوال رعيته وعباده، وهو تعالى أرحم الراحمين، وأجود
الأجودين، لا يحتاج إلى أحد من خلقه يجعله راحما لعباده، بل هو أرحم بهم
من أنفسهم ووالديهم، وهو الذي يحثهم ويدعوهم إلى الأسباب التي ينالون بها
رحمته، وهو يريد من مصالحهم ما لا يريدونه لأنفسهم، وهو الغني، الذي له
الغنى التام المطلق، الذي لو اجتمع الخلق من أولهم وآخرهم في صعيد واحد
فسألوه، فأعطى كلا منهم ما سأل وتمنى، لم ينقصوا من غناه شيئا، ولم
ينقصوا مما عنده، إلا كما ينقص البحر إذا غمس فيه المخيط.




وجميع الشفعاء يخافونه، فلا يشفع منهم أحد إلا بإذنه، وله الشفاعة كلها.




فبهذه الفروق يعلم جهل المشركين به، وسفههم العظيم، وشدة جراءتهم عليه.




ويعلم أيضا الحكمة في كون الشرك لا يغفره اللّه تعالى، لأنه يتضمن القدح
في اللّه تعالى، ولهذا قال حاكما بين الفريقين، المخلصين والمشركين، وفي
ضمنه التهديد للمشركين-: {

إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ


}




وقد علم أن حكمه أن المؤمنين المخلصين في جنات النعيم، ومن يشرك باللّه
فقد حرم اللّه عليه الجنة، ومأواه النار. {

إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي


} أي: لا يوفق للهداية إلى الصراط المستقيم {

مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ


} أي: وصفه الكذب أو الكفر، بحيث تأتيه المواعظ والآيات، ولا يزول عنه ما
اتصف به، ويريه اللّه الآيات، فيجحدها ويكفر بها ويكذب، فهذا أنَّى له
الهدى وقد سد على نفسه الباب، وعوقب بأن طبع اللّه على قلبه، فهو لا
يؤمن؟"




{

4


} {

لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ
مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ


}




أي: {

لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا


} كما زعم ذلك من زعمه، من سفهاء الخلق. {

لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ


} أي: لاصطفى بعض مخلوقاته التي يشاء اصطفاءه، واختصه لنفسه، وجعله
بمنزلة الولد، ولم يكن حاجة إلى اتخاذ الصاحبة.




{

سُبْحَانَهُ


} عما ظنه به الكافرون، أو نسبه إليه الملحدون.




{

هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ


} أي: الواحد في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، وفي أفعاله، فلا شبيه له
في شيء من ذلك، ولا مماثل، فلو كان له ولد، لاقتضى أن يكون شبيها له في
وحدته، لأنه بعضه، وجزء منه.




القهار لجميع العالم العلوي والسفلي، فلو كان له ولد لم يكن مقهورا،
ولكان له إدلال على أبيه ومناسبة منه.




ووحدته تعالى وقهره متلازمان، فالواحد لا يكون إلا قهارا، والقهار لا
يكون إلا واحدا، وذلك ينفي الشركة له من كل وجه.




{

5 - 7


} {

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى
النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ
الْغَفَّارُ *خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ
يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي
ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ * إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا
يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ


}




يخبر تعالى أنه {

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ


} أي: بالحكمة والمصلحة، وليأمر العباد وينهاهم، ويثيبهم ويعاقبهم.




{

يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى
اللَّيْلِ


} أي: يدخل كلا منهما على الآخر، ويحله محله، فلا يجتمع هذا وهذا، بل إذا
أتى أحدهما انعزل الآخر عن سلطانه.




{

وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ


} بتسخير منظم، وسير مقنن. {

كُلٌّ


} من الشمس والقمر {

يَجْرِي


} متأثرا عن تسخيره تعالى {

لِأَجَلٍ مُسَمًّى


} وهو انقضاء هذه الدار وخرابها، فيخرب اللّه آلاتها وشمسها وقمرها،
وينشئ الخلق نشأة جديدة ليستقروا في دار القرار، الجنة أو النار.




{

أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ


} الذي لا يغالب، القاهر لكل شيء، الذي لا يستعصي عليه شيء، الذي من عزته
ببأوجد هذه المخلوقات العظيمة، وسخرها تجري بأمره. {

الْغَفَّارُ


} لذنوب عباده التوابين المؤمنين، كما قال تعالى: {

وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ
اهْتَدَى


} الغفار لمن أشرك به بعد ما رأى من آياته العظيمة، ثم تاب وأناب.




ومن عزته أن {

خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ


} على كثرتكم وانتشاركم، في أنحاء الأرض، {

ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا


} وذلك ليسكن إليها وتسكن إليه، وتتم بذلك النعمة. {

وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ


} أي: خلقها بقدر نازل منه، رحمة بكم. {

ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ


} وهي التي ذكرها في سورة الأنعام {

ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين


} {

ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين


}




وخصها بالذكر، مع أنه أنزل لمصالح عباده من البهائم غيرها، لكثرة نفعها،
وعموم مصالحها، ولشرفها، ولاختصاصها بأشياء لا يصلح غيرها، كالأضحية
والهدي، والعقيقة، ووجوب الزكاة فيها، واختصاصها بالدية.




ولما ذكر خلق أبينا وأمنا، ذكر ابتداء خلقنا، فقال: {

يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ


} أي: طورا بعد طور، وأنتم في حال لا يد مخلوق تمسكم، ولا عين تنظر
إليكم، وهو قد رباكم في ذلك المكان الضيق {

فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ


} ظلمة البطن، ثم ظلمة الرحم، ثم ظلمة المشيمة، {

ذَلِكُمْ


} الذي خلق السماوات والأرض، وسخر الشمس والقمر، وخلقكم وخلق لكم الأنعام
والنعم {

اللَّهُ رَبُّكُمْ


} أي: المألوه المعبود، الذي رباكم ودبركم، فكما أنه الواحد في خلقه
وتربيته لا شريك له في ذلك، فهو الواحد في ألوهيته، لا شريك له، ولهذا
قال: {

لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ


} بعد هذا البيان ببيان استحقاقه تعالى للإخلاص وحده إلى عبادة الأوثان،
التي لا تدبر شيئا، وليس لها من الأمر شيء.




{

إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ


} لا يضره كفركم، كما لا ينتفع بطاعتكم، ولكن أمره ونهيه لكم محض فضله
وإحسانه عليكم.




{

وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ


} لكمال إحسانه بهم، وعلمه أن الكفر يشقيهم شقاوة لا يسعدون بعدها، ولأنه
خلقهم لعبادته، فهي الغاية التي خلق لها الخلق، فلا يرضى أن يدعوا ما
خلقهم لأجله.




{

وَإِنْ تَشْكُرُوا


} للّه تعالى بتوحيده، وإخلاص الدين له {

يَرْضَهُ لَكُمْ


} لرحمته بكم، ومحبته للإحسان عليكم، ولفعلكم ما خلقكم لأجله.




وكما أنه لا يتضرر بشرككم ولا ينتفع بأعمالكم وتوحيدكم، كذلك كل أحد منكم
له عمله، من خير وشر {

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى


} {

ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ


} في يوم القيامة {

فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ


} إخبارا أحاط به علمه، وجرى عليه قلمه، وكتبته عليكم الحفظة الكرام،
وشهدت به عليكم الجوارح، فيجازي كلا منكم ما يستحقه.




{

إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ


} أي: بنفس الصدور، وما فيها من وصف برٍّ أو فجور، والمقصود من هذا،
الإخبار بالجزاء بالعدل التام.







{ 8 } { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا
إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ
يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ
عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّارِ }




يخبر تعالى عن كرمه بعبده وإحسانه وبره، وقلة شكر عبده، وأنه حين يمسه
الضر، من مرض أو فقر، أو وقوع في كربة بَحْرٍ أو غيره، أنه يعلم أنه لا
ينجيه في هذه الحال إلا اللّه، فيدعوه متضرعا منيبا، ويستغيث به في كشف
ما نزل به ويلح في ذلك.




{

ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ


} اللّه {

نِعْمَةً مِنْهُ


} بأن كشف ما به من الضر والكربة، {

نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ


} أي: نسي ذلك الضر الذي دعا اللّه لأجله، ومر كأنه ما أصابه ضر، واستمر
على شركه.




{

وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ


} أي: ليضل بنفسه، ويضل غيره، لأن الإضلال فرع عن الضلال، فأتى بالملزوم
ليدل على اللازم.




{

قُلْ


} لهذا العاتي، الذي بدل نعمة اللّه كفرا: {

تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ


} فلا يغنيك ما تتمتع به إذا كان المآل النار.




{

أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا
يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ


}




{

9


} {

أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ
الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو
الْأَلْبَابِ


}




هذه مقابلة بين العامل بطاعة اللّه وغيره، وبين العالم والجاهل، وأن هذا
من الأمور التي تقرر في العقول تباينها، وعلم علما يقينا تفاوتها، فليس
المعرض عن طاعة ربه، المتبع لهواه، كمن هو قانت أي: مطيع للّه بأفضل
العبادات وهي الصلاة، وأفضل الأوقات وهو أوقات الليل، فوصفه بكثرة العمل
وأفضله، ثم وصفه بالخوف والرجاء، وذكر أن متعلق الخوف عذاب الآخرة، على
ما سلف من الذنوب، وأن متعلق الرجاء، رحمة اللّه، فوصفه بالعمل الظاهر
والباطن.




{

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ


} ربهم ويعلمون دينه الشرعي ودينه الجزائي، وما له في ذلك من الأسرار
والحكم {

وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ


} شيئا من ذلك؟ لا يستوي هؤلاء ولا هؤلاء، كما لا يستوي الليل والنهار،
والضياء والظلام، والماء والنار.




{

إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ


} إذا ذكروا {

أُولُو الْأَلْبَابِ


} أي: أهل العقول الزكية الذكية، فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى،
فيؤثرون العلم على الجهل، وطاعة اللّه على مخالفته، لأن لهم عقولا ترشدهم
للنظر في العواقب، بخلاف من لا لب له ولا عقل، فإنه يتخذ إلهه هواه.




{

10


} {

قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ


}




أي: قل مناديا لأشرف الخلق، وهم المؤمنون، آمرا لهم بأفضل الأوامر، وهي
التقوى، ذاكرا لهم السبب الموجب للتقوى، وهو ربوبية اللّه لهم وإنعامه
عليهم، المقتضي ذلك منهم أن يتقوه، ومن ذلك ما مَنَّ اللّه عليهم به من
الإيمان فإنه موجب للتقوى، كما تقول: أيها الكريم تصدق، وأيها الشجاع
قاتل.




وذكر لهم الثواب المنشط في الدنيا فقال: {

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا


} بعبادة ربهم {

حَسَنَة


} ورزق واسع، ونفس مطمئنة، وقلب منشرح، كما قال تعالى: {

مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً


}




{

وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ


} إذا منعتم من عبادته في أرض، فهاجروا إلى غيرها، تعبدون فيها ربكم،
وتتمكنون من إقامة دينكم.




ولما قال: {

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ


} كان لبعض النفوس مجال في هذا الموضع، وهو أن النص عام، أنه كل من أحسن
فله في الدنيا حسنة، فما بال من آمن في أرض يضطهد فيها ويمتهن، لا يحصل
له ذلك، دفع هذا الظن بقوله: {

وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ


} وهنا بشارة نص عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم، بقوله (

لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم
حتى يأتي أمر اللّه وهم على ذلك


) تشير إليه هذه الآية، وترمي إليه من قريب، وهو أنه تعالى أخبر أن أرضه
واسعة، فمهما منعتم من عبادته في موضع فهاجروا إلى غيرها، وهذا عام في كل
زمان ومكان، فلا بد أن يكون لكل مهاجر، ملجأ من المسلمين يلجأ إليه،
وموضع يتمكن من إقامة دينه فيه.




{


إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ


} وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا
يتسخطها، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها،
فوعد اللّه الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، وما
ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند اللّه، وأنه معين على كل الأمور.




{

11 - 16


} {

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ *
وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ
إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ
مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ
إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ
مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ
يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ


}




أي {

قُلْ


} يا أيها الرسول للناس: {

إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين


} في قوله في أول السورة: {

فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ


}




{

وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ


} لأني الداعي الهادي للخلق إلى ربهم، فيقتضي أني أول من ائتمر بما آمر
به، وأول من أسلم، وهذا الأمر لا بد من إيقاعه من محمد صلى الله عليه
وسلم، وممن زعم أنه من أتباعه، فلا بد من الإسلام في الأعمال الظاهرة،
والإخلاص للّه في الأعمال الظاهرة والباطنة.




{

قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي


} في ما أمرني به من الإخلاص والإسلام. {

عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ


} يخلد فيه من أشرك، ويعاقب فيه من عصى.




{

قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ
مِنْ دُونِهِ


} كما قال تعالى: {

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا
أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ*
وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ


}




{

قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ


} حقيقة هم {

الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ


} حيث حرموها الثواب، واستحقت بسببهم وخيم العقاب {

وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


} أي: فرق بينهم وبينهم، واشتد عليهم الحزن، وعظم الخسران. {

أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ


} الذي ليس مثله خسران، وهو خسران مستمر، لا ربح بعده، بل ولا سلامة.




ثم ذكر شدة ما يحصل لهم من الشقاء فقال: {

لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ


} أي: قطع عذاب كالسحاب العظيم {

وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ


}




{

ذَلِكَ


} الوصف الذي وصفنا به عذاب أهل النار، سوط يسوق الله به عباده إلى
رحمته، {

يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ


} أي: جعل ما أعده لأهل الشقاء من العذاب داع يدعو عباده إلى التقوى،
وزاجر عما يوجب العذاب. فسبحان من رحم عباده في كل شيء، وسهل لهم الطرق
الموصلة إليه، وحثهم على سلوكها، ورغبهم بكل مرغب تشتاق له النفوس،
وتطمئن له القلوب، وحذرهم من العمل لغيره غاية التحذير، وذكر لهم الأسباب
الزاجرة عن تركه.




{

17 - 18


} {

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا
إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ
يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ
هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ


}




لما ذكر حال المجرمين ذكر حال المنيبين وثوابهم، فقال: {

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا


} والمراد بالطاغوت في هذا الموضع، عبادة غير اللّه، فاجتنبوها في
عبادتها. وهذا من أحسن الاحتراز من الحكيم العليم، لأن المدح إنما يتناول
المجتنب لها في عبادتها.




{

وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ


} بعبادته وإخلاص الدين له، فانصرفت دواعيهم من عبادة الأصنام إلى عبادة
الملك العلام، ومن الشرك والمعاصي إلى التوحيد والطاعات، {

لَهُمُ الْبُشْرَى


} التي لا يقادر قدرها، ولا يعلم وصفها، إلا من أكرمهم بها، وهذا شامل
للبشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن، والرؤيا الصالحة، والعناية
الربانية من اللّه، التي يرون في خلالها، أنه مريد لإكرامهم في الدنيا
والآخرة، ولهم البشرى في الآخرة عند الموت، وفي القبر، وفي القيامة،
وخاتمة البشرى ما يبشرهم به الرب الكريم، من دوام رضوانه وبره وإحسانه
وحلول أمانه في الجنة.




ولما أخبر أن لهم البشرى، أمره اللّه ببشارتهم، وذكر الوصف الذي استحقوا
به البشارة فقال: {

فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ


}




وهذا جنس يشمل كل قول فهم يستمعون جنس القول ليميزوا بين ما ينبغي إيثاره
مما ينبغي اجتنابه، فلهذا من حزمهم وعقلهم أنهم يتبعون أحسنه، وأحسنه على
الإطلاق كلام اللّه وكلام رسوله، كما قال في هذه السورة: {

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا


} الآية.




وفي هذه الآية نكتة، وهي: أنه لما أخبر عن هؤلاء الممدوحين أنهم يستمعون
القول فيتبعون أحسنه، كأنه قيل: هل من طريق إلى معرفة أحسنه حتى نتصف
بصفات أولي الألباب، وحتى نعرف أن من أثره علمنا أنه من أولي الألباب؟




قيل: نعم، أحسنه ما نص اللّه عليه {

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا


} الآية.




{

الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ
الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ


} لأحسن الأخلاق والأعمال {

وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ


} أي: العقول الزاكية.




ومن لبهم وحزمهم، أنهم عرفوا الحسن من غيره، وآثروا ما ينبغي إيثاره، على
ما سواه، وهذا علامة العقل، بل لا علامة للعقل سوى ذلك، فإن الذي لا يميز
بين الأقوال، حسنها، وقبيحها، ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذى يميز،
لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعا لشهوته فلم يؤثر الأحسن، كان ناقص
العقل.




{

19 - 20


} {

أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ
فِي النَّارِ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ
فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ


}




أي: أفمن وجبت عليه كلمة العذاب باستمراره على غيه وعناده وكفره، فإنه لا
حيلة لك في هدايته، ولا تقدر تنقذ من في النار لا محالة.




لكن الغنى كل الغنى، والفوز كل الفوز، للمتقين الذين أعد لهم من الكرامة
وأنواع النعيم، ما لا يقادر قدره.




{

لَهُمْ غُرَفٌ


} أي: منازل عالية مزخرفة، من حسنها وبهائها وصفائها، أنه يرى ظاهرها من
باطنها وباطنها من ظاهرها، ومن علوها وارتفاعها، [أنها] ترى كما يرى
الكوكب الغابر في الأفق الشرقي أو الغربي، ولهذا قال: {

مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ


} أي: بعضها فوق بعض "مَبْنِيَّةٌ" بذهب وفضة، وملاطها المسك الأذفر.




{

تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ


} المتدفقة، المسقية للبساتين الزاهرة والأشجار الطاهرة، فتغل بأنواع
الثمار اللذيذة، والفاكهة النضيجة.




{

وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ


} وقد وعد المتقين هذا الثواب، فلا بد من الوفاء به، فليوفوا بخصال
التقوى، ليوفيهم أجورهم.




{

21


} {

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ
يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا
أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ
حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ


}




يذكر تعالى أولي الألباب، ما أنزله من السماء من الماء، وأنه سلكه ينابيع
في الأرض، أي: أودعه فيها ينبوعا، يستخرج بسهولة ويسر، {

ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ


} من بر وذرة، وشعير وأرز، وغير ذلك. {

ثُمَّ يَهِيجُ


} عند استكماله، أو عند حدوث آفة فيه {

فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا


} متكسرا {

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ


} يذكرون بها عناية ربهم ورحمته بعباده، حيث يسر لهم هذا الماء، وخزنه
بخزائن الأرض تبعا لمصالحهم.




ويذكرون به كمال قدرته، وأنه يحيي الموتى، كما أحيا الأرض بعد موتها،
ويذكرون به أن الفاعل لذلك هو المستحق للعبادة.




اللّهم اجعلنا من أولي الألباب، الذين نوهت بذكرهم، وهديتهم بما أعطيتهم
من العقول، وأريتهم من أسرار كتابك وبديع آياتك ما لم يصل إليه غيرهم،
إنك أنت الوهاب.




{

22


} {

أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ
رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ
أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ


}




أي: أفيستوي من شرح اللّه صدره للإسلام، فاتسع لتلقي أحكام اللّه والعمل
بها، منشرحا قرير العين، على بصيرة من أمره، وهو المراد بقوله: {

فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ


} كمن ليس كذلك، بدليل قوله: {

فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ


} أي: لا تلين لكتابه، ولا تتذكر آياته، ولا تطمئن بذكره، بل هي معرضة عن
ربها، ملتفتة إلى غيره، فهؤلاء لهم الويل الشديد، والشر الكبير.




{

أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ


} وأي ضلال أعظم من ضلال من أعرض عن وليه؟ ومن كل السعادة في الإقبال
عليه، وقسا قلبه عن ذكره، وأقبل على كل ما يضره؟"




{

23


} {

اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى
اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ
مِنْ هَادٍ


}




يخبر تعالى عن كتابه الذي نزله أنه {

أَحْسَنَ الْحَدِيثِ


} على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام اللّه، وأحسن الكتب المنزلة من كلام
اللّه هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن، علم أن ألفاظه أفصح الألفاظ
وأوضحها، وأن معانيه، أجل المعاني، لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه،
متشابها في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه. حتى إنه كلما
تدبره المتدبر، وتفكر فيه المتفكر، رأى من اتفاقه، حتى في معانيه
الغامضة، ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mnwaat.roo7.biz
 
تفسيرسورة الزمر ( آية 1-26 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسيرسورة الزمر ( آية 27-52 )
» تفسيرسورة سبأ ( آية 1-27 )
» تفسيرسورة يس ( آية 1-30 )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منوعات دوت كومmnwaat.com  :: اسلاميات :: تفسير القران كامل-
انتقل الى: