منوعات دوت كومmnwaat.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منوعات دوت كومmnwaat.com

لا اله الا الله محمد رسول الله
 
الرئيسيةتفسير سورة الفتح كامله I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأكثر شعبية
تحميل ياهو 2011
تحميل احدث3 انتى فيرس كاسبر اسكاى 2011.افيرا2011.افاست 2011
نتيجة امتحانات ابناؤنا فى الخارج 2011
تحميل برنامج جوجل شوروم google chrome
حمل برنامج ويندز لايف ماسنجر 2012
تحمل برنامج جوجل كروم (جوجل شورم)2012
تحميل برنامج مكافح الفيروسات افاست 2012 النسخه الاخيره ادخل وحمل بسرعه
تحميل تنزيل سكاي بى 2011 الجديد dowenlod sky pe 2011 new
حمل القران كامل بصوت الشيخ فارس عباد
الرد على من سب السيده عائشه
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط www.mnwaat.com على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منوعات دوت كومmnwaat.com على موقع حفض الصفحات
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 تفسير سورة الفتح كامله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
Admin
المدير


عدد المساهمات : 1005
نقاط : -2047470915
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 25/02/2010
العمر : 28
البلد : مصر

تفسير سورة الفتح كامله Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الفتح كامله   تفسير سورة الفتح كامله Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 4:24 pm




{

1-3


} {

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا
مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا
تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا
مُسْتَقِيمًا * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا


}




هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية، حين صد المشركون رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما جاء معتمرا في قصة طويلة، صار آخر أمرها أن صالحهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، وعلى أن
يعتمر من العام المقبل، وعلى أن من أراد أن يدخل في عهد قريش وحلفهم دخل،
ومن أحب أن يدخل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده فعل.




وبسبب ذلك لما أمن الناس بعضهم بعضا، اتسعت دائرة الدعوة لدين الله عز
وجل، وصار كل مؤمن بأي محل كان من تلك الأقطار، يتمكن من ذلك، وأمكن
الحريص على الوقوف على حقيقة الإسلام، فدخل الناس في تلك المدة في دين
الله أفواجا، فلذلك سماه الله فتحا، ووصفه بأنه فتح مبين أي: ظاهر جلي،
وذلك لأن المقصود في فتح بلدان المشركين إعزاز دين الله، وانتصار
المسلمين، وهذا حصل بذلك الفتح، ورتب الله على هذا الفتح عدة أمور،
فقال: {

لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ


}




وذلك -والله أعلم- بسبب ما حصل بسببه من الطاعات الكثيرة، والدخول في
الدين بكثرة، وبما تحمل صلى الله عليه وسلم من تلك الشروط التي لا يصبر
عليها إلا أولو العزم من المرسلين، وهذا من أعظم مناقبه وكراماته صلى
الله عليه وسلم، أن غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.




{

وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ


} بإعزاز دينك، ونصرك على أعدائك، واتساع كلمتك، {

وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا


} تنال به السعادة الأبدية، والفلاح السرمدي.




{

وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا


} أي: قويا لا يتضعضع فيه الإسلام، بل يحصل الانتصار التام، وقمع
الكافرين، وذلهم ونقصهم، مع توفر قوى المسلمين ونموهم، ونمو أموالهم.




ثم ذكر آثار هذا الفتح على المؤمنين فقال:





{

4-6


} {

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *
لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا *
وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ
دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ
لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا


}




يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون
والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش
القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه
الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات
بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال،
فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها
أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما
صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم. وقوله:
{

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ


} أي: جميعها في ملكه، وتحت تدبيره وقهره، فلا يظن المشركون أن الله لا
ينصر دينه ونبيه، ولكنه تعالى عليم حكيم، فتقتضي حكمته المداولة بين
الناس في الأيام، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر.




{

لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئَاتِهِمْ


} فهذا أعظم ما يحصل للمؤمنين، أن يحصل لهم المرغوب المطلوب بدخول
الجنات، ويزيل عنهم المحذور بتكفير السيئات. {

وَكَانَ ذَلِكَ


} الجزاء المذكور للمؤمنين {

عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا


} فهذا ما يفعل بالمؤمنين في ذلك الفتح المبين.




وأما المنافقون والمنافقات، والمشركون والمشركات، فإن الله يعذبهم بذلك،
ويريهم ما يسوءهم؛ حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين، وظنوا بالله الظن
السوء، أنه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته، وأن أهل الباطل، ستكون لهم
الدائرة على أهل الحق، فأدار الله عليهم ظنهم، وكانت دائرة السوء عليهم
في الدنيا، {

وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ


} بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله، {

وَلَعَنَهُمْ


} أي: أبعدهم وأقصاهم عن رحمته {

وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا


}





{

7


} {

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا
حَكِيمًا


}




كرر الإخبار بأن له ملك السماوات والأرض وما فيهما من الجنود، ليعلم
العباد أنه تعالى هو المعز المذل، وأنه سينصر جنوده المنسوبة إليه، كما
قال تعالى: {

وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ


} {

وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا


} أي: قويا غالبا، قاهرا لكل شيء، ومع عزته وقوته فهو حكيم في خلقه
وتدبيره، يجري على ما تقتضيه حكمته وإتقانه.





{

8-9


} {

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلًا


}




أي: {

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ


} أيها الرسول الكريم {

شَاهِدًا


} لأمتك بما فعلوه من خير وشر، وشاهدا على المقالات والمسائل، حقها
وباطلها، وشاهدا لله تعالى بالوحدانية والانفراد بالكمال من كل وجه، {

وَمُبَشِّرًا


} من أطاعك وأطاع الله بالثواب الدنيوي والديني والأخروي، ومنذرا من عصى
الله بالعقاب العاجل والآجل، ومن تمام البشارة والنذارة، بيان الأعمال
والأخلاق التي يبشر بها وينذر، فهو المبين للخير والشر، والسعادة
والشقاوة، والحق من الباطل، ولهذا رتب على ذلك قوله: {

لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ


}




أي: بسبب دعوة الرسول لكم، وتعليمه لكم ما ينفعكم، أرسلناه لتقوموا
بالإيمان بالله ورسوله، المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور.




{

وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ


} أي: تعزروا الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقروه أي: تعظموه وتجلوه،
وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم، {

وَتُسَبِّحُوهُ


} أي: تسبحوا لله {

بُكْرَةً وَأَصِيلًا


} أول النهار وآخره، فذكر الله في هذه الآية الحق المشترك بين الله وبين
رسوله، وهو الإيمان بهما، والمختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير،
والمختص بالله، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها.




{

10


} {

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ
اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى
نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ
أَجْرًا عَظِيمًا


}




هذه المبايعة التي أشار الله إليها هي {

بيعة الرضوان


} التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
على أن لا يفروا عنه، فهي عقد خاص، من لوازمه أن لا يفروا، ولو لم يبق
منهم إلا القليل، ولو كانوا في حال يجوز الفرار فيها، فأخبر تعالى: أن
الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم {

يُبَايِعُونَ اللَّهَ


} ويعقدون العقد معه، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال: {

يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ


} أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد
والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: {

فَمَنْ نَكَثَ


} فلم يف بما عاهد الله عليه {

فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ


} أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له، {

وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ


} أي: أتى به كاملا موفرا، {

فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا


} لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه.





{

11-13


} {

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا
أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ
بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ
لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ
بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ
ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى
أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ
ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا * وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا


}




يذم تعالى المتخلفين عن رسوله، في الجهاد في سبيله، من الأعراب الذين ضعف
إيمانهم، وكان في قلوبهم مرض، وسوء ظن بالله تعالى، وأنهم سيعتذرون بأن
أموالهم وأهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد، وأنهم طلبوا من رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم، قال الله تعالى: {

يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ


} فإن طلبهم الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ندمهم
وإقرارهم على أنفسهم بالذنب، وأنهم تخلفوا تخلفا يحتاج إلى توبة
واستغفار، فلو كان هذا الذي في قلوبهم، لكان استغفار الرسول نافعا لهم،
لأنهم قد تابوا وأنابوا، ولكن الذي في قلوبهم، أنهم إنما تخلفوا لأنهم
ظنوا بالله ظن السوء.




فظنوا {

أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ
أَبَدًا


} أي: إنهم سيقتلون ويستأصلون، ولم يزل هذا الظن يزين في قلوبهم،
ويطمئنون إليه، حتى استحكم، وسبب ذلك أمران:




أحدها: أنهم كانوا {

قَوْمًا بُورًا


} أي: هلكى، لا خير فيهم، فلو كان فيهم خير لم يكن هذا في قلوبهم.




الثاني: ضعف إيمانهم ويقينهم بوعد الله، ونصر دينه، وإعلاء كلمته، ولهذا
قال: {

وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ


} أي: فإنه كافر مستحق للعقاب، {

فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا


}





{

14


} {

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا


}




أي: هو تعالى المنفرد بملك السماوات والأرض، يتصرف فيهما بما يشاء من
الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية، والأحكام الجزائية، ولهذا ذكر حكم
الجزاء المرتب على الأحكام الشرعية، فقال: {

يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ


} وهو من قام بما أمره الله به {

وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ


} ممن تهاون بأمر الله، {

وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا


} أي: وصفه اللازم الذي لا ينفك عنه المغفرة والرحمة، فلا يزال في جميع
الأوقات يغفر للمذنبين، ويتجاوز عن الخطائين، ويتقبل توبة التائبين،
وينزل خيره المدرار، آناء الليل والنهار.





{

15


} {

سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ
لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا
كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ
قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ
إِلَّا قَلِيلًا


}




لما ذكر تعالى المخلفين وذمهم، ذكر أن من عقوبتهم الدنيوية، أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا انطلقوا إلى غنائم لا قتال فيها
ليأخذوها، طلبوا منهم الصحبة والمشاركة، ويقولون: {

ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ


} بذلك {

أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ


} حيث حكم بعقوبتهم، واختصاص الصحابة المؤمنين بتلك الغنائم، شرعا وقدرا.
{

قُلْ


} لهم {

لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ


} إنكم محرومون منها بما جنيتم على أنفسكم، وبما تركتم القتال أول مرة.




{

فَسَيَقُولُونَ


} مجيبين لهذا الكلام، الذي منعوا به عن الخروج: {

بَلْ تَحْسُدُونَنَا


} على الغنائم، هذا منتهى علمهم في هذا الموضع، ولو فهموا رشدهم، لعلموا
أن حرمانهم بسبب عصيانهم، وأن المعاصي لها عقوبات دنيوية ودينية، ولهذا
قال: {

بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا


}




{

16-17


} {

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ
أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ
تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا
تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ
عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى
الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ
يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا


}




لما ذكر تعالى أن المخلفين من الأعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله،
ويعتذرون بغير عذر، وأنهم يطلبون الخروج معهم إذا لم يكن شوكة ولا قتال،
بل لمجرد الغنيمة، قال تعالى ممتحنا لهم: {

قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ
أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ


} أي: سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والأئمة، وهؤلاء
القوم فارس والروم ومن نحا نحوهم وأشبههم. {

تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ


} أي: إما هذا وإما هذا، وهذا هو الأمر الواقع، فإنهم في حال قتالهم
ومقاتلتهم لأولئك الأقوام، إذ كانت شدتهم وبأسهم معهم، فإنهم في تلك
الحال لا يقبلون أن يبذلوا الجزية، بل إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن
يقاتلوا على ما هم عليه، فلما أثخنهم المسلمون، وضعفوا وذلوا، ذهب بأسهم،
فصاروا إما أن يسلموا، وإما أن يبذلوا الجزية، {

فَإِنْ تُطِيعُوا


} الداعي لكم إلى قتال هؤلاء {

يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا


} وهو الأجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيل الله، {

وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ


} عن قتال من دعاكم الرسول إلى قتاله، {

يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا


} ودلت هذه الآية على فضيلة الخلفاء الراشدين، الداعين لجهاد أهل البأس
من الناس، وأنه تجب طاعتهم في ذلك.




ثم ذكر الأعذار التي يعذر بها العبد عن الخروج إلى الجهاد، فقال: {

لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا
عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ


} أي: في التخلف عن الجهاد لعذرهم المانع.




{

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ


} في امتثال أمرهما، واجتناب نهيهما {

يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ


} فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، {

وَمَنْ يَتَوَلَّ


} عن طاعة الله ورسوله {

يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا


} فالسعادة كلها في طاعة الله، والشقاوة في معصيته ومخالفته.





{

18-21


} {

لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ
عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً
يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ
مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ
أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا
عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرًا


}




يخبر تعالى بفضله ورحمته، برضاه عن المؤمنين إذ يبايعون الرسول صلى الله
عليه وسلم تلك المبايعة التي بيضت وجوههم، واكتسبوا بها سعادة الدنيا
والآخرة، وكان سبب هذه البيعة -التي يقال لها "بيعة الرضوان" لرضا الله
عن المؤمنين فيها، ويقال لها "بيعة أهل الشجرة" - أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما دار الكلام بينه وبين المشركين يوم الحديبية في شأن مجيئه،
وأنه لم يجئ لقتال أحد، وإنما جاء زائرا هذا البيت، معظما له، فبعث رسول
الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان لمكة في ذلك، فجاء خبر غير صادق،
أن عثمان قتله المشركون، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه من
المؤمنين، وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة، فبايعوه تحت شجرة على قتال
المشركين، وأن لا يفروا حتى يموتوا، فأخبر تعالى أنه رضي عن المؤمنين في
تلك الحال، التي هي من أكبر الطاعات وأجل القربات، {

فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ


} من الإيمان، {

فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ


} شكرا لهم على ما في قلوبهم، زادهم هدى، وعلم ما في قلوبهم من الجزع من
تلك الشروط التي شرطها المشركون على رسوله، فأنزل عليهم السكينة تثبتهم،
وتطمئن بها قلوبهم، {

وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا


} وهو: فتح خيبر، لم يحضره سوى أهل الحديبية، فاختصوا بخيبر وغنائمها،
جزاءا لهم، وشكرا على ما فعلوه من طاعة الله تعالى والقيام بمرضاته.




{

وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا


} أي: له العزة والقدرة، التي قهر بها الأشياء، فلو شاء لانتصر من الكفار
في كل وقعة تكون بينهم وبين المؤمنين، ولكنه حكيم، يبتلي بعضهم ببعض،
ويمتحن المؤمن بالكافر.




{

وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا


} وهذا يشمل كل غنيمة غنمها المسلمين إلى يوم القيامة، {

فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ


} أي: غنيمة خيبر أي: فلا تحسبوها وحدها، بل ثم شيء كثير من الغنائم
سيتبعها، {

و


} احمدوا الله إذ {

كف أَيْدِي النَّاسِ


} القادرين على قتالكم، الحريصين عليه {

عَنْكُمْ


} فهي نعمة، وتخفيف عنكم.




{

وَلِتَكُونَ


} هذه الغنيمة {

آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ


} يستدلون بها على خبر الله الصادق، ووعده الحق، وثوابه للمؤمنين، وأن
الذي قدرها سيقدر غيرها، {

وَيَهْدِيَكُمْ


} بما يقيض لكم من الأسباب {

صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا


} من العلم والإيمان والعمل.




{

وَأُخْرَى


} أي: وعدكم أيضا غنيمة أخرى {

لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا


} وقت هذا الخطاب، {

قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا


} أي: هو قادر عليها، وتحت تدبيره وملكه، وقد وعدكموها، فلا بد من وقوع
ما وعد به، لكمال اقتدار الله تعالى، ولهذا قال: {

وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا


}





{

22-23


} {

وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ
لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا


}




هذه بشارة من الله لعباده المؤمنين، بنصرهم على أعدائهم الكافرين، وأنهم
لو قابلوهم وقاتلوهم {

لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا


} يتولى أمرهم، {

وَلَا نَصِيرًا


} ينصرهم ويعينهم على قتالكم، بل هم مخذولون مغلوبون وهذه سنة الله في
الأمم السابقة، أن جند الله هم الغالبون، {

وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا


}




{

24-25


} {

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ
بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ
اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ
لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ
بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ
تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا


}




يقول تعالى ممتنا على عباده بالعافية، من شر الكفار ومن قتالهم، فقال: {

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ


} أي: أهل مكة {

عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ
أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ


} أي: من بعد ما قدرتم عليهم، وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد، وهم
نحو ثمانين رجلا، انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غرة، فوجدوا
المسلمين منتبهين فأمسكوهم، فتركوهم ولم يقتلوهم، رحمة من الله بالمؤمنين
إذ لم يقتلوهم، {

وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا


} فيجازي كل عامل بعمله، ويدبركم أيها المؤمنون بتدبيره الحسن.




ثم ذكر تعالى الأمور المهيجة على قتال المشركين، وهي كفرهم بالله ورسوله،
وصدهم رسول الله ومن معه من المؤمنين، أن يأتوا للبيت الحرام زائرين
معظمين له بالحج والعمرة، وهم الذين أيضا صدوا {

الهدي مَعْكُوفًا


} أي: محبوسا {

أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ


} وهو محل ذبحه وهو مكة، فمنعوه من الوصول إليه ظلما وعدوانا، وكل هذه
أمور موجبة وداعية إلى قتالهم، ولكن ثم مانع وهو: وجود رجال ونساء من أهل
الإيمان بين أظهر المشركين، وليسوا متميزين بمحلة أو مكان يمكن أن لا
ينالهم أذى، فلولا هؤلاء الرجال المؤمنون، والنساء المؤمنات، الذين لا
يعلمهم المسلمون أن تطأوهم، أي: خشية أن تطأوهم {

فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ


} والمعرة: ما يدخل تحت قتالهم، من نيلهم بالأذى والمكروه، وفائدة
أخروية، وهو: أنه ليدخل في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر،
وبالهدى بعد الضلال، فيمنعكم من قتالهم لهذا السبب.




{

لَوْ تَزَيَّلُوا


} أي: لو زالوا من بين أظهرهم {

لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا


} بأن نبيح لكم قتالهم، ونأذن فيه، وننصركم عليهم.





{

26


} {

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ
بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا


}




يقول تعالى: {

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَاهِلِيَّةِ


} حيث أنفوا من كتابة {

بسم الله الرحمن الرحيم


} وأنفوا من دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إليهم في تلك
السنة، لئلا يقول الناس: {

دخلوا مكة قاهرين لقريش


} وهذه الأمور ونحوها من أمور الجاهلية، لم تزل في قلوبهم حتى أوجبت لهم
ما أوجبت من كثير من المعاصي، {

فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ


} فلم يحملهم الغضب على مقابلة المشركين بما قابلوهم به، بل صبروا لحكم
الله، والتزموا الشروط التي فيها تعظيم حرمات الله ولو كانت ما كانت، ولم
يبالوا بقول القائلين، ولا لوم اللائمين.




{

وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى


} وهي {

لا إله إلا الله


} وحقوقها، ألزمهم القيام بها، فالتزموها وقاموا بها، {

وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا


} من غيرهم {

و


} كانوا {

أهلها


} الذين استأهلوها لما يعلم الله عندهم وفي قلوبهم من الخير، ولهذا قال:
{

وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا


}





{

27-28


} {

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ
الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ
رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا
فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا


}




يقول تعالى: {

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ


} وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المدينة رؤيا أخبر بها
أصحابه، أنهم سيدخلون مكة ويطوفون بالبيت، فلما جرى يوم الحديبية ما جرى،
ورجعوا من غير دخول لمكة، كثر في ذلك الكلام منهم، حتى إنهم قالوا ذلك
لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟
فقال: " أخبرتكم أنه العام؟" قالوا: لا، قال: "فإنكم ستأتونه وتطوفون به"
قال الله هنا: {

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ


} أي: لا بد من وقوعها وصدقها، ولا يقدح في ذلك تأخر تأويلها، {

لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ
مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ


} أي: في هذه الحال المقتضية لتعظيم هذا البيت الحرام، وأدائكم للنسك،
وتكميله بالحلق والتقصير، وعدم الخوف، {

فَعَلِمَ


} من المصلحة والمنافع {

مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ


} الدخول بتلك الصفة {

فَتْحًا قَرِيبًا


}




ولما كانت هذه الواقعة مما تشوشت بها قلوب بعض المؤمنين، وخفيت عليهم
حكمتها، فبين تعالى حكمتها ومنفعتها، وهكذا سائر أحكامه الشرعية، فإنها
كلها، هدى ورحمة.




أخبر بحكم عام، فقال: {

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى


} الذي هو العلم النافع، الذي يهدي من الضلالة، ويبين طرق الخير والشر.




{

وَدِينِ الْحَقِّ


} أي: الدين الموصوف بالحق، وهو العدل والإحسان والرحمة.




وهو كل عمل صالح مزك للقلوب، مطهر للنفوس، مرب للأخلاق، معل للأقدار.




{

لِيُظْهِرَهُ


} بما بعثه الله به {

عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ


} بالحجة والبرهان، ويكون داعيا لإخضاعهم بالسيف والسنان.




{

29


} {

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى
الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي
وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ
بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا


}




يخبر تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار،
أنهم بأكمل الصفات، وأجل الأحوال، وأنهم {

أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ


} أي: جادون ومجتهدون في عداوتهم، وساعون في ذلك بغاية جهدهم، فلم يروا
منهم إلا الغلظة والشدة، فلذلك ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم
المسلمون، {

رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ


} أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب
لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك {

تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا


} أي: وصفهم كثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.




{

يَبْتَغُونَ


} ب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mnwaat.roo7.biz
المدير
Admin
Admin
المدير


عدد المساهمات : 1005
نقاط : -2047470915
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 25/02/2010
العمر : 28
البلد : مصر

تفسير سورة الفتح كامله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الفتح كامله   تفسير سورة الفتح كامله Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 4:25 pm





فبينما هم كذلك، إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي، في نفر من خزاعة، وكانوا
عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من أهل تهامة، فقال: إني تركت
كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ
المطافيل، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت.




قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا
معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا أماددهم ويخلوا
بيني وبين الناس، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا
فقد جموا، وإن أبوا إلا القتال، فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري
هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن الله أمره" قال بديل: سأبلغهم ما تقول.




فانطلق حتى أتى قريشا، فقال: إني قد جئتكم من عند هذا الرجل، وسمعته يقول
قولا، فإن شئتم عرضته عليكم، فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه
بشيء، وقال ذوو الرأي: منهم: هات ما سمعته، قال: سمعته يقول كذا وكذا،
فقال عروة بن مسعود الثقفي: إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد، فاقبلوها،
ودعوني آته، فقالوا: ائته، فأتاه، فجعل يكلمه، فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم نحوا من قوله لبديل، فقال له عروة عند ذلك: أي: محمد، أرأيت لو
استأصلت قومك، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى،
فوالله إني لأرى وجوها، وأرى أوباشا من الناس، خليقا أن يفروا ويدعوك،
فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ قال: من ذا؟ قال:
أبو بكر، قال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها،
لأجبتك.




وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن
شعبة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المغفر فكلما
أهوى عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، ضرب يده بنعل السيف، وقال:
أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه، وقال: من
ذا؟ قال: المغيرة بن شعبة، فقال: أي: غدر، أولست أسعى في غدرتك؟ وكان
المغيرة صحب قوما في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في
شيء"




ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله إن تنخم
النبي صلى الله عليه وسلم نخامة، إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها جلده
ووجهه.




وإذا أمرهم ابتدروا إلى أمره، وإذا توضأ، كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا
تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر، تعظيما له.




فرجع عروة إلى أصحابه، فقال: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على
كسرى، وقيصر، والنجاشي، والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه، ما يعظم أصحاب
محمد محمدا، والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه
وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه،
وإذا تكلم، خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وقد عرض
عليكم خطة رشد فاقبلوها.




فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته، فقالوا: ائته.




فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له" فبعثوها فاستقبله
القوم يلبون، فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله، لا ينبغي لهؤلاء أن يصدوا
عن البيت.




فرجع إلى أصحابه، فقال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، وما أرى أن يصدوا عن
البيت فقام مكرز بن حفص، وقال: دعوني آته، فقالوا: ائته، فلما أشرف
عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا مكرز بن حفص، وهو رجل فاجر"
فجعل يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو يكلمه، إذ جاء سهيل بن
عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سهل لكم من أمركم" فقال: هات،
اكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب، فقال: "اكتب: بسم الله الرحمن
الرحيم" فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما ندري ما هو، ولكن اكتب: "باسمك
اللهم" كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله
الرحمن الرحيم.




فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكتب باسمك اللهم"




ثم قال: "اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " فقال سهيل: فوالله لو
نعلم أنك رسول الله، ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن
عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني رسول الله وإن كذبتموني،
اكتب: محمد بن عبد الله " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على أن تخلوا
بيننا وبين البيت فنطوف به" فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا
ضغطة، ولكن لك من العام المقبل، فكتب.




فقال سهيل: على أن لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددته علينا.




فقال المسلمون: سبحان الله، كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما؟





فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل
مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما
قاضيتك عليه، أن ترده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لم نقض
الكتاب بعد" فقال: فوالله إذا لا أصالحك على شيء أبدا، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: "فأجزه لي" فقال: ما أنا بمجيزه، فقال: "بلى فافعل" قال:
ما أنا بفاعل، قال مكرز: قد أجزناه.




فقال أبو جندل: يا معشر المسلمين، أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما، ألا
ترون ما لقيت؟ وكان قد عذب في الله عذابا شديدا.




قال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى
الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ألست نبي الله؟ قال: "بلى" قلت:
ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" فقلت: علام نعطي الدنية
في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا؟ فقال: "إني رسول
الله، وهو ناصري، ولست أعصيه" قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت
ونطوف به؟ قال: "بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟" قلت: لا، قال: "فإنك
آتيه ومطوف به"




قال: فأتيت أبا بكر، فقلت له كما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد
عليه أبو بكر كما رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء، وزاد:
فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق، قال عمر: فعملت لذلك
أعمالا.




فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا
وانحروا، ثم احلقوا" فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ثلاث مرات، فلما لم
يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت:
يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو
حالقك فيحلق لك، فقام فخرج، فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه،
ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق
بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما، ثم جاءت نسوة مؤمنات، فأنزل الله عز
وجل: {

إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ


} حتى بلغ {

بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ


} فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية،
والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع إلى المدينة.




وفي مرجعه أنزل الله عليه: {

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا


} إلى آخرها، فقال عمر: أفتح هو يا رسول الله؟ فقال: "نعم" فقال الصحابة:
هنيئا لك يا رسول الله، فما لنا؟




فأنزل الله عز وجل: {

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ


}




الآية. انتهى.




وهذا آخر تفسير سورة الفتح ولله الحمد والمنة




[وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، نقلته من خط المفسر رحمه الله
وعفا عنه، وكان الفراغ من كتابته في 13 ذي الحجة 1345 وصلى الله على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين آمين.




بقلم الفقير إلى ربه سليمان بن حمد العبد الله البسام. غفر الله له
ولوالديه ولجميع المسلمين آمين. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات]


المجلد الثامن من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان من به الله
على عبده وابن عبده وابن أمته عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mnwaat.roo7.biz
 
تفسير سورة الفتح كامله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة ص كامله
» تفسير سورة عبس كامله
» تفسير سورة الطور كامله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منوعات دوت كومmnwaat.com  :: اسلاميات :: تفسير القران كامل-
انتقل الى: