منوعات دوت كومmnwaat.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منوعات دوت كومmnwaat.com

لا اله الا الله محمد رسول الله
 
الرئيسيةتفسير سورة الصافات ( آية 1-113 ) I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأكثر شعبية
تحميل ياهو 2011
تحميل احدث3 انتى فيرس كاسبر اسكاى 2011.افيرا2011.افاست 2011
نتيجة امتحانات ابناؤنا فى الخارج 2011
تحميل برنامج جوجل شوروم google chrome
حمل برنامج ويندز لايف ماسنجر 2012
تحمل برنامج جوجل كروم (جوجل شورم)2012
تحميل برنامج مكافح الفيروسات افاست 2012 النسخه الاخيره ادخل وحمل بسرعه
تحميل تنزيل سكاي بى 2011 الجديد dowenlod sky pe 2011 new
حمل القران كامل بصوت الشيخ فارس عباد
الرد على من سب السيده عائشه
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط www.mnwaat.com على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منوعات دوت كومmnwaat.com على موقع حفض الصفحات
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

 تفسير سورة الصافات ( آية 1-113 )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
Admin
المدير


عدد المساهمات : 1005
نقاط : -2047470915
السٌّمعَة : 9
تاريخ التسجيل : 25/02/2010
العمر : 28
البلد : مصر

تفسير سورة الصافات ( آية 1-113 ) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الصافات ( آية 1-113 )   تفسير سورة الصافات ( آية 1-113 ) Emptyالجمعة أبريل 29, 2011 3:39 pm





{ 1 - 11 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالصَّافَّاتِ
صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ
إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا
بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ * إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ
الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ
مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ
مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ
خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ * فَاسْتَفْتِهِمْ
أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ
طِينٍ لَازِبٍ }




هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام، في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره
بإذن ربها، على ألوهيته تعالى وربوبيته، فقال:


{ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا }

أي: صفوفا في خدمة ربهم، وهم الملائكة.




{ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا }

وهم الملائكة، يزجرون السحاب وغيره بأمر اللّه.




{ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا }

وهم الملائكة الذين يتلون كلام اللّه تعالى.




فلما كانوا متألهين لربهم، ومتعبدين في خدمته، ولا يعصونه طرفة عين، أقسم
بهم على ألوهيته فقال:


{ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ }

ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب والخوف والرجاء، وسائر أنواع
العبادة.




{ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ
الْمَشَارِقِ }

أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، والرازق لها، المدبر لها،.فكما أنه لا
شريك له في ربوبيته إياها، فكذلك لا شريك له في ألوهيته،. وكثيرا ما يقرر
تعالى توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية، لأنه دال عليه. وقد أقر به أيضا
المشركون في العبادة، فيلزمهم بما أقروا به على ما أنكروه.




وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم
التي سيذكرها، فلهذا قال:


{ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى
الْمَلَإِ الْأَعْلَى }





ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين:




إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء
فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في
ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.




والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ
الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب


{ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ }

طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.




{ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ }

أي: دائم، معد لهم، لتمردهم عن طاعة ربهم.




ولولا أنه [تعالى] استثنى، لكان ذلك دليلا على أنهم لا يستمعون شيئا
أصلا، ولكن قال:


{ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ }

أي: إلا من تلقف من الشياطين المردة، الكلمة الواحدة على وجه الخفية
والسرقة


{ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }

تارة يدركه قبل أن يوصلها إلى أوليائه، فينقطع خبر السماء، وتارة يخبر
بها قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة يروجونها بسبب الكلمة
التي سمعت من السماء.




ولما بين هذه المخلوقات العظيمة قال:


{ فَاسْتَفْتِهِمْ }

أي: اسأل منكري خلقهم بعد موتهم.


{ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا }

أي: إيجادهم بعد موتهم، أشد خلقا وأشق؟.


{ أَمْ مَنْ خَلَقْنَا }

من [هذه] المخلوقات؟ فلا بد أن يقروا أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق
الناس.




فيلزمهم إذا الإقرار بالبعث، بل لو رجعوا إلى أنفسهم وفكروا فيها، لعلموا
أن ابتداء خلقهم من طين لازب، أصعب عند الفكر من إنشائهم بعد موتهم،
ولهذا قال:


{ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ }

أي: قوي شديد كقوله تعالى:


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
}








{ 12 - 21 } { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا
يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ * وَقَالُوا إِنْ
هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا
وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ *
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ
فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ * وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ
الدِّينِ * هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }




{ بَلْ عَجِبْتَ }

يا أيها الرسول وأيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من
الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما
لا يقبل الإنكار،


{ و }

أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم


{ يَسْخَرُونَ }

ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية
بالقول الحق.




{ و }

من العجب أيضا أنهم


{ إِذَا ذُكِّرُوا }

ما يعرفون في فطرهم وعقولهم، وفطنوا له، وألفت نظرهم إليه


{ لَا يَذْكُرُونَ }

ذلك، فإن كان جهلا، فهو من أدل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة، حيث
ذكروا ما هو مستقر في الفطر، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال، وإن كان
تجاهلا وعنادا، فهو أعجب وأغرب.




ومن العجب [أيضا] أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، وذكروا الآيات التي يخضع
لهل فحول الرجال وألباب الألباء، يسخرون منها ويعجبون.




ومن العجب أيضا، قولهم للحق لما جاءهم:


{ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }

فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.




ومن العجب أيضا، قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات، على قدرة الآدمي الناقص
من جميع الوجوه، فقالوا استبعادا وإنكارا:


{ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ }





ولما كان هذا منتهى ما عندهم، وغاية ما لديهم، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم
بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال:


{ قُلْ نَعَمْ }

ستبعثون، أنتم وآباؤكم الأولون


{ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ }

ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، ولا تستعصون على قدرة اللّه.




{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ }

ينفخ إسرافيل فيها في الصور


{ فَإِذَا هُمْ }

مبعوثون من قبورهم


{ يَنْظَرُونَ }

كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا، وفي تلك الحال،
يظهرون الندم والخزي والخسار، ويدعون بالويل والثبور.




{ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ }

فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزءون.




فيقال لهم:


{ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ }

بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق، وفيما بينهم وبين غيرهم من
الخلق.







{ 22 - 26 } { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا
كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ
الْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا
تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }





أي إذا أحضروا يوم القيامة، وعاينوا ما به يكذبون، ورأوا ما به يستسخرون،
يؤمر بهم إلى النار، التي بها كانوا يكذبون، فيقال:


{ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا }

أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي


{ وَأَزْوَاجَهُمْ }

الذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.




{ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ }

من الأصنام والأنداد التي زعموها،. فاجمعوهم جميعا


{ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ }

أي: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم.




وبعد ما يتعين أمرهم إلى النار، ويعرفون أنهم من أهل دار البوار، يقال:


{ وَقِفُوهُمْ }

قبل أن توصلوهم إلى جهنم


{ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ }

عما كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رءوس الأشهاد كذبهم وفضيحتهم.




فيقال لهم:


{ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ }

أي: ما الذي جرى عليكم اليوم؟ وما الذي طرقكم لا ينصر بعضكم بعضا، ولا
يغيث بعضكم بعضا، بعدما كنتم تزعمون في الدنيا، أن آلهتكم ستدفع عنكم
العذاب، وتغيثكم وتشفع لكم عند اللّه، فكأنهم لا يجيبون هذا السؤال،
لأنهم قد علاهم الذل والصغار، واستسلموا لعذاب النار، وخشعوا وخضعوا
وأبلسوا، فلم ينطقوا.




ولهذا قال:


{ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }
.
تفسير سورة الصافات عدد آياتها 182
(
آية
27-49

)

وهي مكية






{ 27 - 39 }



{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا
إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ
تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ
بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا
إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ *
فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ
نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا
لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ * بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ
وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ * إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ
* وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }





لما جمعوا هم وأزواجهم وآلهتهم، وهدوا إلى صراط الجحيم، ووقفوا، فسئلوا،
فلم يجيبوا، وأقبلوا فيما بينهم، يلوم بعضهم بعضا على إضلالهم وضلالهم.




فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء:


{ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ }

أي: بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنا مؤمنين.




{ قَالُوا }

لهم


{ بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ }

أي: ما زلتم مشركين، كما نحن مشركون، فأي: شيء فضلكم علينا؟ وأي: شيء
يوجب لومنا؟




{ و }

الحال أنه


{ مَا كَانَ لنا عليكم مِنْ سُلْطَانٍ }

أي: قهر لكم على اختيار الكفر


{ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ }

متجاوزين للحد




{ فَحَقَّ عَلَيْنَا }

نحن وإياكم


{ إِنَّا لَذَائِقُونَ }

العذاب،.أي: حق علينا قدر ربنا وقضاؤه، أنا وإياكم سنذوق العذاب، ونشترك
في العقاب.




{ فـ }

لذلك


{ أَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ }

أي: دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها، وهي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا
تلومونا ولوموا أنفسكم.




قال تعالى:


{ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ }

أي: يوم القيامة


{ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }

وإن تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم.




كما اشتركوا في الدنيا على الكفر، اشتركوا في الآخرة بجزائه، ولهذا قال:


{ إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ }





ثم ذكر أن إجرامهم، قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال:


{ إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ }

فدعوا إليها، وأمروا بترك إلهية ما سواه


{ يَسْتَكْبِرُونَ }

عنها وعلى من جاء بها.




{ وَيَقُولُونَ }

معارضة لها


{ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا }

التي لم نزل نعبدها نحن وآباؤنا


{ لـ }

قول


{ شَاعِرٍ مَجْنُونٍ }

يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم. فلم يكفهم - قبحهم اللّه - الإعراض
عنه، ولا مجرد تكذيبه، حتى حكموا عليه بأظلم الأحكام، وجعلوه شاعرا
مجنونا، وهم يعلمون أنه لا يعرف الشعر والشعراء، ولا وصفه وصفهم، وأنه
أعقل خلق اللّه، وأعظمهم رأيا.




ولهذا قال تعالى، ناقضا لقولهم:


{ بَلْ جَاءَ }

محمد


{ بِالْحَقِّ }

أي: مجيئه حق، وما جاء به من الشرع والكتاب حق.


{ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ }

[أي: ومجيئه صدق المرسلين] فلولا مجيئه وإرساله لم يكن الرسل صادقين، فهو
آية ومعجزة لكل رسول قبله، لأنهم أخبروا به وبشروا، وأخذ اللّه عليهم
العهد والميثاق، لئن جاءهم، ليؤمنن به ولينصرنه، وأخذوا ذلك على أممهم،
فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله، وتبين كذب من خالفهم، .فلو قدر عدم
مجيئه، وهم قد أخبروا به، لكان ذلك قادحا في صدقهم.




وصدق أيضا المرسلين، بأن جاء بما جاءوا به، ودعا إلى ما دعوا إليه، وآمن
بهم، وأخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم.




ولما كان قولهم السابق:


{ إِنَّا لَذَائِقُونَ }

قولا صادرا منهم، يحتمل أن يكون صدقا أو غيره، أخبر تعالى بالقول الفصل
الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين، وهو الخبر الصادر منه تعالى، فقال:


{ إِنَّكُمْ لَذَائِقُوا الْعَذَابِ الْأَلِيمِ }

أي: المؤلم الموجع.




{ وَمَا تُجْزَوْنَ }

في إذاقة العذاب الأليم


{ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

فلم نظلمكم، وإنما عدلنا فيكم؟




ولما كان هذا الخطاب لفظه عاما، والمراد به المشركون، استثنى تعالى
المؤمنين فقال:







{ 40 - 49 }



{ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ
مَعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ *
عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ
* بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ
عَنْهَا يُنْزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ *
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ }





يقول تعالى:


{ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ }

فإنهم غير ذائقي العذاب الأليم، لأنهم أخلصوا للّه الأعمال، فأخلصهم،
واختصهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه.




{ أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ }

أي: غير مجهول، وإنما هو رزق عظيم جليل، لا يجهل أمره، ولا يبلغ كنهه.




فسره بقوله:


{ فَوَاكِهُ }

من جميع أنواع الفواكه التي تتفكه بها النفس، للذتها في لونها وطعمها.


{ وَهُمْ مُكْرَمُونَ }

لا مهانون محتقرون، بل معظمون مجلون موقرون. قد أكرم بعضهم بعضا،
وأكرمتهم الملائكة الكرام، وصاروا يدخلون عليهم من كل باب، ويهنئونهم
ببلوغ أهنأ الثواب،.وأكرمهم أكرم الأكرمين، وجاد عليهم بأنواع الكرامات،
من نعيم القلوب والأرواح والأبدان.




{ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }

أي: الجنات التي النعيم وصفها، والسرور نعتها، وذلك لما جمعته، مما لا
عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،. وسلمت من كل مخل بنعيمها،
من جميع المكدرات والمنغصات.




ومن كرامتهم عند ربهم، وإكرام بعضهم بعضا، أنهم على


{ سُرُرٍ }

وهي المجالس المرتفعة، المزينة بأنواع الأكسية الفاخرة، المزخرفة
المجملة، فهم متكئون عليها، على وجه الراحة والطمأنينة، والفرح.




{ مُتَقَابِلِينَ }

فيما بينهم قد صفت قلوبهم، ومحبتهم فيما بينهم، ونعموا باجتماع بعضهم مع
بعض، فإن مقابلة وجوههم، تدل على تقابل قلوبهم، وتأدب بعضهم مع بعض فلم
يستدبره، أو يجعله إلى جانبه، بل من كمال السرور والأدب، ما دل عليه ذلك
التقابل.




{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ }

أي: يتردد الولدان المستعدون لخدمتهم بالأشربة اللذيذة، بالكاسات الجميلة
المنظر، المترعة من الرحيق المختوم بالمسك، وهي كاسات الخمر.




وتلك الخمر، تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها


{ بَيْضَاءَ }

من أحسن الألوان، وفي طعمها


{ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ }

يتلذذ شاربها بها وقت شربها وبعده، وأنها سالمة من غول العقل وذهابه،
ونزفه، ونزف مال صاحبها، وليس فيها صداع ولا كدر، فلما ذكر طعامهم
وشرابهم ومجالسهم، وعموم النعيم وتفاصيله داخلة في قوله:


{ جَنَّاتِ النَّعِيمِ }





لكن فصل هذه الأشياء لتعلم فتشتاق النفوس إليها، ذكر أزواجهم فقال:


{ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ }

أي: وعند أهل دار النعيم، في محلاتهم القريبة، حور حسان، كاملات الأوصاف،
قاصرات الطرف، إما أنها قصرت طرفها على زوجها، لعفتها وعدم مجاوزته
لغيره، ولجمال زوجها وكماله، بحيث لا تطلب في الجنة سواه، ولا ترغب إلا
به، وإما لأنها قصرت طرف زوجها عليها، وذلك يدل على كمالها وجمالها
الفائق، الذي أوجب لزوجها، أن يقصر طرفه عليها، وقصر الطرف أيضا، يدل على
قصر النفس والمحبة عليها، وكلا المعنيين محتمل، وكلاهما صحيح، و [كل] هذا
يدل على جمال الرجال والنساء في الجنة، ومحبة بعضهم بعضا، محبة لا يطمح
إلى غيره، وشدة عفتهم كلهم، وأنه لا حسد فيها ولا تباغض، ولا تشاحن، وذلك
لانتفاء أسبابه.




{ عِينٌ }

أي: حسان الأعين جميلاتها، ملاح الحدق.




{ كَأَنَّهُنَّ }

أي: الحور


{ بَيْضٌ مَكْنُونٌ }

أي: مستور، وذلك من حسنهن وصفائهن وكون ألوانهن أحسن الألوان وأبهاها،
ليس فيه كدر ولا شين.



{ 50 - 61 }



{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ
مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ
الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا
أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ
فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ
لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ *
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ * إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا
نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *
لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }





لما ذكر تعالى نعيمهم، وتمام سرورهم، بالمآكل والمشارب، والأزواج الحسان،
والمجالس الحسنة، ذكر تذاكرهم فيما بينهم، ومطارحتهم للأحاديث، عن الأمور
الماضية، وأنهم ما زالوا في المحادثة والتساؤل، حتى أفضى ذلك بهم، إلى أن
قال قائل منهم:


{ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ }

في الدنيا، ينكر البعث، ويلومني على تصديقي به.




و


{ يَقُولُ }

لي


{ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا
وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ }

أي: مجازون بأعمالنا؟ أي: كيف تصدق بهذا الأمر البعيد، الذي في غاية
الاستغراب، وهو أننا إذا تمزقنا، فصرنا ترابا وعظاما، أننا نبعث ونعاد،
ثم نحاسب ونجازى بأعمالنا؟".




أي: يقول صاحب الجنة لإخوانه: هذه قصتي، وهذا خبري، أنا وقريني، ما زلت
أنا مؤمنا مصدقا، وهو ما زال مكذبا منكرا للبعث، حتى متنا، ثم بعثنا،
فوصلت أنا إلى ما ترون، من النعيم، الذي أخبرتنا به الرسل، وهو لا شك،
أنه قد وصل إلى العذاب.




فـ


{ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ }

لننظر إليه، فنزداد غبطة وسرورا بما نحن فيه، ويكون ذلك رَأْيَ عين؟
والظاهر من حال أهل الجنة، وسرور بعضهم ببعض، وموافقة بعضهم بعضا، أنهم
أجابوه لما قال، وذهبوا تبعا له، للاطلاع على قرينه.




{ فَاطَّلَعَ }

فرأى قرينه


{ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ }

أي: في وسط العذاب وغمراته، والعذاب قد أحاط به.




فـ


{ قَالَ }

له لائما على حاله، وشاكرا للّه على نعمته أن نجاه من كيده:


{ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ }

أي: تهلكني بسبب ما أدخلت عليَّ من الشُّبَه بزعمك.




{ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي }

على أن ثبتني على الإسلام


{ لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }

في العذاب معك.




{ أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا
نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ }

[أي: يقوله المؤمن، مبتهجا بنعمة اللّه على أهل الجنة بالخلود الدائم
فيها والسلامة من العذاب; استفهام بمعنى الإثبات والتقرير] أي: يقول
لقرينه المعذب: أفتزعم أننا لسنا نموت سوى الموتة الأولى، ولا بعث بعدها
ولا عذاب




وقوله:


{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ }

وحذف المعمول، والمقام مقام لذة وسرور، فدل ذلك على أنهم يتساءلون بكل ما
يلتذون بالتحدث به، والمسائل التي وقع فيها النزاع والإشكال.




ومن المعلوم أن لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم، والبحث عنه، فوق اللذات
الجارية في أحاديث الدنيا، فلهم من هذا النوع النصيب الوافر، ويحصل لهم
من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه.




فلما ذكر تعالى نعيم الجنة، ووصفه بهذه الأوصاف الجميلة، مدحه، وشوَّق
العاملين، وحثَّهم على العمل فقال:


{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

الذي حصل لهم به كل خير، وكل ما تهوى النفوس وتشتهي، واندفع عنهم به كل
محذور ومكروه، فهل فوز يطلب فوقه؟ أم هو غاية الغايات، ونهاية النهايات،
حيث حل عليهم رضا رب الأرض والسماوات، وفرحوا بقربه، وتنعموا بمعرفته
واستروا برؤيته، وطربوا لكلامه؟




{ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ }

فهو أحق ما أنفقت فيه نفائس الأنفاس وأولى ما شمر إليه العارفون الأكياس،
والحسرة كل الحسرة، أن يمضي على الحازم، وقت من أوقاته، وهو غير مشتغل
بالعمل، الذي يقرب لهذه الدار، فكيف إذا كان يسير بخطاياه إلى دار
البوار؟"







{ 62 - 74 } { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ *
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ
الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا
الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ *
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا
آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ * وَلَقَدْ
ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ * وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ
مُنْذِرِينَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ * إِلَّا
عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ }




{ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا }

أي: ذلك النعيم الذي وصفناه لأهل الجنة خير، أم العذاب الذي يكون في
الجحيم من جميع أصناف العذاب؟ فأي الطعامين أولى؟ الذي وصف في الجنة


{ أَمْ }

طعام أهل النار؟ وهو


{ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً }

أي عذابا ونكالا


{ لِلظَّالِمِينَ }

أنفسهم بالكفر والمعاصي.




{ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ }

أي: وسطه فهذا مخرجها، ومعدنها أشر المعادن وأسوؤها، وشر المغرس، يدل على
شر الغراس وخسته، ولهذا نبهنا اللّه على شرها بما ذكر أين تنبت به، وبما
ذكر من صفة ثمرتها.




وأنها كـ


{ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ }

فلا تسأل بعد هذا عن طعمها، وما تفعل في أجوافهم وبطونهم، وليس لهم عنها
مندوحة ولا معدل




ولهذا قال:


{ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ }

فهذا طعام أهل النار، فبئس الطعام طعامهم، ثم ذكر شرابهم فقال:


{ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا }

أي: على أثر هذا الطعام


{ لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ }

أي: ماء حارا، قد انتهى، كما قال تعالى:


{ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي
الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا }

وكما قال تعالى:


{ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ }





{ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ }

أي: مآلهم ومقرهم [ومأواهم]


{ لَإِلَى الْجَحِيمِ }

ليذوقوا من عذابه الشديد، وحره العظيم، ما ليس عليه مزيد من الشقاء.




وكأنه قيل: ما الذي أوصلهم إلى هذه الدار؟ فقال:


{ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا }

أي: وجدوا


{ آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }

أي: يسرعون في الضلال، فلم يلتفتوا إلى ما دعتهم إليه الرسل، ولا إلى ما
حذرتهم عنه الكتب، ولا إلى أقوال الناصحين، بل عارضوهم بأن قالوا:


{ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ
مُقْتَدُونَ }





{ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ }

أي: قبل هؤلاء المخاطبين


{ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ }

وقليل منهم آمن واهتدى.




{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ }

ينذرونهم عن غيهم وضلالهم.




{ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ }

كانت عاقبتهم الهلاك، والخزي، والفضيحة، فليحذر هؤلاء أن يستمروا على
ضلالهم، فيصيبهم مثل ما أصابهم.




ولما كان المنذرون ليسوا كلهم ضالين، بل منهم من آمن وأخلص الدين للّه،
استثناه اللّه من الهلاك فقال:


{ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ }

أي: الذين أخلصهم اللّه، وخصهم برحمته لإخلاصهم، فإن عواقبهم صارت حميدة.




ثم ذكر أنموذجا من عواقب الأمم المكذبين فقال:



{ 75 - 82 } { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ *
وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا
ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ *
سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ * ثُمَّ
أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ }


يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، أول الرسل، أنه لما دعا قومه
إلى اللّه، تلك المدة الطويلة فلم يزدهم دعاؤه، إلا فرارا، أنه نادى ربه
فقال:


{ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }

الآية.




وقال:


{ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ }

فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال:


{ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ }

لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه
وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته
متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا
مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى
الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب
إحسانهم.




ودل قوله:


{ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ }

أن الإيمان أرفع منازل العباد وأنه مشتمل على جميع شرائع الدين وأصوله
وفروعه، لأن اللّه مدح به خواص خلقه.




{ 83 - 113 } { وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ }


إلى آخر القصة، أي: وإن من شيعة نوح عليه السلام، ومن هو على طريقته في
النبوة والرسالة، ودعوة الخلق إلى اللّه، وإجابة الدعاء، إبراهيم الخليل
عليه السلام.




{

إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ


} من الشرك والشبه، والشهوات المانعة من تصور الحق، والعمل به، وإذا كان
قلب العبد سليما، سلم من كل شر، وحصل له كل خير، ومن سلامته أنه سليم من
غش الخلق وحسدهم، وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، ولهذا نصح الخلق في اللّه،
وبدأ بأبيه وقومه فقال: {

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ


} هذا استفهام بمعنى الإنكار، وإلزام لهم بالحجة.




{

أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ


} أي: أتعبدون [من دونه] آلهة كذبا، ليست بآلهة، ولا تصلح للعبادة، فما
ظنكم برب العالمين، أن يفعل بكم وقد عبدتم معه غيره؟ وهذا ترهيب لهم
بالجزاء بالعقاب على الإقامة على شركهم.




وما الذي ظننتم برب العالمين، من النقص حتى جعلتم له أندادا وشركاء.




فأراد عليه السلام، أن يكسر أصنامهم، ويتمكن من ذلك، فانتهز الفرصة في
حين غفلة منهم، لما ذهبوا إلى عيد من أعيادهم، فخرج معهم.




{

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ


} في الحديث الصحيح: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات: قوله
{

إِنِّي سَقِيمٌ


} وقوله {

بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا


} وقوله عن زوجته "إنها أختي" والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد
بآلهتهم.




{

فَـ


} لهذا {

تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ


} فلما وجد الفرصة.[/font:a9f
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mnwaat.roo7.biz
 
تفسير سورة الصافات ( آية 1-113 )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الصافات( آية 114-182 )
» تفسير سورة طه ( آية 1-36 )
» تفسير سورة طه ( آية 37-76 )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منوعات دوت كومmnwaat.com  :: اسلاميات :: تفسير القران كامل-
انتقل الى: